تعتبر المقابر الزجاجية في الصين واحدة من أغرب وأحدث الصيحات التي ظهرت لمواجهة أزمة نقص المساحات المخصصة للدفن، وهي تدمج بين التكنولوجيا الرقمية، الهندسة المعمارية الحديثة، والتقاليد الدينية.

المقابر الزجاجية في الصين: عندما تتحول المدافن إلى “أبراج رقمية” ذكية

في ظل التزايد السكاني الهائل ونقص الأراضي في المدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي، ابتكرت الصين حلولاً غير تقليدية لدفن الموتى، كان أبرزها المقابر الزجاجية أو “المقابر الرقمية”. هذه المقابر ليست مجرد أماكن للدفن، بل هي منشآت تكنولوجية توفر مساحات شاسعة وتجربة فريدة للزوار.

ما هي المقابر الزجاجية (الرقمية)؟

بدلاً من المقابر التقليدية التي تشغل مساحات كبيرة في التربة، تعتمد المقابر الزجاجية على نظام الأرفف العمودية. يتم وضع رماد الموتى في صناديق خاصة داخل خزائن زجاجية محكمة الإغلاق، مرتبة في ممرات طويلة تشبه خزائن البنوك أو مراكز البيانات الضخمة.

مميزات المقابر الزجاجية في الصين

أصبحت هذه المقابر الخيار المفضل للكثير من العائلات الصينية لعدة أسباب:

1. استغلال المساحة: يمكن لمبنى واحد من المقابر الزجاجية أن يستوعب آلاف الموتى في مساحة لا تتعدى مساحة فيلا صغيرة.

2. التجربة الرقمية: تحتوي كل خزانة زجاجية على شاشات LED تعرض صوراً وفيديوهات للمتوفى، وسيرته الذاتية، مما يجعل الزيارة تجربة تفاعلية لإحياء الذكرى.

3. صديقة للبيئة: تساهم هذه الطريقة في الحفاظ على الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء التي كانت تلتهمها المقابر التقليدية.

4. التكلفة المنخفضة: مقارنة بأسعار الأراضي المخصصة للدفن في الصين التي وصلت لأرقام فلكية، تعتبر المقابر الزجاجية حلاً اقتصادياً.

كيف تعمل هذه المقابر؟

عندما تأتي عائلة لزيارة فقيدها، يتم استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه أو بطاقات ذكية:

• تضاء السبيكة الزجاجية الخاصة بالمتوفى تلقائياً.

• تظهر صور المتوفى على شاشة مدمجة.

• يمكن للعائلات تقديم “قرابين افتراضية” عبر الشاشات، مثل الزهور الرقمية أو البخور، احتراماً للتقاليد الصينية.

صراع التقاليد والحداثة

رغم كفاءة هذا النظام، إلا أنه يواجه جدلاً في المجتمع الصيني؛ فالبعض يراه ابتكاراً ضرورياً، بينما يرى المحافظون أنه يبتعد عن تقديس الأرض والارتباط بالتربة الذي تنص عليه التقاليد القديمة. ومع ذلك، تدعم الحكومة الصينية هذه التوجهات بقوة لتقليل الاعتماد على الدفن التقليدي.