تُعد آلام أسفل الظهر من أكثر الشكاوى الطبية شيوعاً حول العالم، وغالباً ما تعود جذور هذه الآلام إلى خلل أو تشوهات في هيكل العمود الفقري، ذلك العمود الحيوي الذي يمنح الجسم قوامه وقدرته على الحركة.
أولاً: الهندسة الحيوية للعمود الفقري
يتكون العمود الفقري من 33 فقرة، مصطفة بدقة وموزعة على خمس مناطق رئيسية:
-
الفقرات العنقية.
-
الفقرات الصدرية.
-
الفقرات القطنية.
-
الفقرات العجزية.
-
الفقرات العصعصية.
وتربط بين هذه الفقرات مفاصل مرنة وأقراص غضروفية تعمل كممتص للصدمات وتسمح للجسم بالانحناء والالتواء. ومن الناحية التشريحية، لا يعد العمود الفقري مستقيماً تماماً، بل يمتلك انحناءات طبيعية للأمام والخلف ضرورية لتوزيع ثقل الجسم وأداء الوظائف الحيوية.
ثانياً: التشوهات الشائعة وأسبابها
1. فرط الحداب (حدبة الأرملة)
يحدث عندما يتجاوز الانحناء في المنطقة الصدرية حدوده الطبيعية، ويطلق عليه طبياً “فرط الحداب”.
-
الأسباب: هشاشة العظام، التغيرات المرتبطة بالتقدم في العمر، أو عادات الجلوس الخاطئة.
-
المخاطر: في الحالات الشديدة، قد يضغط هذا الانحناء على الصدر والرقبة، مما يؤدي لمشكلات في التنفس والبلع، بالإضافة إلى تيبس الفقرات وآلام ناتجة عن ضغط الأعصاب.
2. الجنف (Scoliosis)
هو انحناء جانبي غير طبيعي للعمود الفقري، قد يصاحبه دوران في الفقرات.
-
الأسباب: تتنوع بين عوامل خلقية (مثل الشلل الدماغي)، صدمات جسدية، أورام، أو عدوى بكتيرية مثل السل.
-
الأعراض: تشوهات واضحة في وضعية الجسم، واختلاف في تناسق مقاسات الملابس على الجانبين.
3. الانزلاق والتهاب الفقار
مع مرور الوقت، قد تنزاح الفقرات من مكانها (الانزلاق الفقاري) أو تلتحم ببعضها (التهاب الفقار اللاصق)، مما يسبب ضغطاً حاداً على الأعصاب يؤدي لحالات مثل “عرق النسا” أو فقدان تام لمرونة الظهر.
ثالثاً: سبل العلاج وبروتوكولات الوقاية
أشار تقرير لموقع “ساينس ألرت” إلى أن التعامل مع هذه المشكلات يتطلب نهجاً شاملاً يعتمد على شدة الحالة:
-
الدعم والتقويم: استخدام الدعامات الطبية خاصة للأطفال المصابين بالجنف في مراحله الأولى لمنع تدهور الانحناء.
-
تعديل نمط الحياة: تحسين وضعية الجلوس والوقوف، والالتزام بتمارين رياضية تستهدف تقوية عضلات الظهر والأكتاف لدعم العمود الفقري.
-
المواجهة الكيميائية والغذائية: علاج هشاشة العظام عبر نظام غذائي غني بالكالسيوم، وتناول الأدوية الموصوفة، وممارسة تمارين المقاومة لتعزيز كثافة العظام.
-
التدخل الجراحي: يتم اللجوء للجراحة كخيار أخير في حالات التشوهات الكبيرة أو لتخفيف الضغط الخطر عن الأعصاب الحيوية.
نصيحة: الاكتشاف المبكر لتشوهات القوام يقلل بنسبة كبيرة من احتمالية التدخل الجراحي مستقبلاً.










